الجميل: هو كل ما يُدرك على أنه جميل، فأبسط الأشياء إذا
نُظر إليها نظرة تأملية يصير بها جمالًا يمكن إدراكه، ويؤكد "شوبنهاور"
أن الفنان لا يحاكي الطبيعة ولا يقلدها ولا يتلقى منها معايير الجمال، ولكن هذه
المعايير هي خلق عقله ومترسخة في ذاته بطريقة قَبْلية، فهو يستدعي هذه المعايير في
عمله الفني، ولا ينقل من الطبيعة.
وفي هذا السياق تكون حُجة "شوبنهاور" أن
الفنان إذا لم يكن لديه معرفة مسبقة بالجمال ومعاييره فلن يكون لديه القدرة على
التعرف على الجمال في الطبيعة، فيقول في هذا الصدد: ((قد يدَّعي المرء بأن الفن يحقق الجميل بواسطة محاكاة الطبيعة؛ ولكن، كيف
يمكن للفنان أن يتعرف على النموذج الكامل الذي يجب أن يحاكيه، وأن يميزه من بين
النماذج الرديئة، إن لم يكن يتصور سلفًا الجميل بشكل قَبْلي؟ وبجانب ذلك، فهل
أنتجت الطبيعة ذات مرة موجودًا بشريًا متقن الجمال في كل أجزائه؟، وقد كان هناك ظن
بأن الفنان يبحث عن الأجزاء الجميلة الموزعة بين عدد من الموجودات البشرية
المختلفة ومن بينها يشيد كلًا جميلًا، وهذا رأي معوج أحمق؛ لأننا سوف نسأل: كيف
يمكن للفنان أن يعرف أن هذه الأجزاء -عينها لا سواها- هي الأجزاء الجميلة؟.. ليست
هناك معرفة بالجميل تكون ممكنة بطريقة بعدية خالصة، ومن مجرد التجربة فهي دائمًا -على
الأقل جزئيًا- تكون قَبْلِية..))([1]).
فالفنان يتصور الجميل قَبليًا، فهو يستطيع أن يرى المُثل
كأن الطبيعة تهمس إليه بأسرارها، بعكس "الناقد" الذي يرى الجميل بَعدِيًّا،
عندما يحققه الفنان في عمله الفني، ((وإمكانية مثل
هذا التصور للجميل بطريقة قَبْلِية عند "الفنان"، وإمكانية التعرف على
هذا الجميل بطريقة بَعدية عند "الناقد"، إنما يقوم على أن "الفنان"
و"الناقد" كليهما هما ذات الطبيعة نفسها، فهما الإرادة التي تجسد نفسها،
لأنه كما قال "إمبادوقليس": "لا يدرك الشبيه إلا الشبيه"،
كذلك لا يفهم الطبيعة إلا الطبيعة نفسها، والطبيعة فقط هي ما يمكن أن تسبر أغوار
ذاتها؛ بل والروح فقط هي ما يمكن أن تفهم الروح.))([2])
........................
مقطع من الفصل الأول برسالة
الماجستير للباحثة/ سهام محمد،
بعنوان: "الميتافيزيقا في أعمال الطبيعة الصامتة عند جورجيو موراندي وتأثيرها على بعض مصوري أوروبا ومصر".
القاهرة_2018م
بعنوان: "الميتافيزيقا في أعمال الطبيعة الصامتة عند جورجيو موراندي وتأثيرها على بعض مصوري أوروبا ومصر".
القاهرة_2018م
_______________
_________________
تم النشر على موقع (كَ تَ بَ) الإلكتروني، بتاريخ 30 يونيو 2018م
http://kataba.online/%D9%85%D9%8A%D8%AA%D8%A7%D9%81%D9%8A%D8%B2%D9%8A%D9%82%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%85%D9%8A%D9%84-%D8%B3%D9%87%D8%A7%D9%85-%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF/

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق