فنان إيطالي معاصر، درس في معهد "مودينا" للفنون الجميلة وفي الفترة (1958: 1960م) بدأ بالتردد على إستوديو "جورجيو موراندي" في "بولونيا"، فانعكست تلك الدراسة على أعماله المعاصرة، ولذلك صنفته "بوزار"(*) من الفنانين المتأثرين بـ"موراندي"، وخصصت له صالة للعرض في المعرض القائم لـ"موراندي"، ذاكرة على موقعها الإلكتروني ((الفنان المعاصر "كلاديو بارميجياني"، والذي يشبه "موراندي"، سيقوم بعرض "تشكيل في الفراغ" في صالة هورتا))([1])
وحفاظًا على الحس الميتافيزيقي تتبع أعماله الحركة الفنية المعاصرة "آرتي بوفيرا- Arte Povera " أو "الفن الفقير"، وهى حركة فنية ظهرت في إيطاليا منذ مطلع الستينيات، موازية لحركة "البوب آرت" في أمريكا، وتعتمد على استخدام الخامات الأولية البدائية كوسائط تشكيلية تعبيرية، والمميز في أعمال "كلاوديو" ازدواجية استخدامه للتماثيل الجبسية كنحت كلاسيكي مع المخلفات كالقش والمعادن، والرماد والستائر المحروقة والأخشاب، في تكوينات "تشكيل في الفراغ" تجمع بين النحت والتصوير، فتماثيله الكلاسيكية تحمل لمسة لونية، ورسوماته بالفحم تحمل بصمة الطبيعة، حيث تستمد الأعمال طاقتها من الأبعاد المعيشية للنيران، والألعاب المتغيرة للضوء والظل، وما تتركه النيران من أثر بعد الاحتراق، قد يمثل أشكالًا عشوائية، وما تمثله من درجات لونية أثناء الاشتعال، فكل هذا بيئة خصبة للإلهام لدى "كلاوديو"، فيكون هناك لوحات مستمدة منها، فيضيف عنصر اللون لها دلالة على معنى كاعتراض على الحرب ودمار البشرية.
الرؤية الميتافيزيقة في أعمال الفنان "كلاوديو".
على الرغم من اتجاه "كلاوديو" للتشكيل في الفراغ و"الفن المفاهيمي"(*)، إلا أنه حقق الحس الميتافيزيقي في أعماله. وفي رسم يجسد الطبيعة الصامتة، وبتكوينات تشبه تكوينات "موراندي" -في المرحلة الثانية- بخامة الفحم، ((هناك إحساس كبير من الشاعرية والفضاء في أعمال السيد "بارماجياني"، اكتسبت من قضائه ساعات طويلة في إستوديو جورجيو موراندي))([2])، (شكلي33،34) رسم "كلاوديو" زجاجات بيضاء متراصة بجوار بعضها في تكوين أفقي، ينبع ضوء أبيض من داخلها، في حالة من الرسوخ والتجسد، فالعناصر بإضاءتها وانعكاساتها البيضاء كأنها في حالة استحضار روحانيات تكوينها في البدء.
وظهرت "التماثيل اليونانية" في أعمال "كلاوديو"، وفي استخدامه للتماثيل الجبسية الكلاسيكية في تكوينات توحي بصراع صريح مع الدنيوية، عودة إلى الكلاسيكية الرومانية التي قامت عليها ميتافيزيقا "دي كريكو"، مع اختلاف التناول ما بين "تصوير" و"تشكيل في الفراغ".
فيعبر (شكل 35) عن رسم بخامة الفحم لجسد تمثال يوناني، وفي (شكل 36) استخدم "كلاوديو" تمثالًا يونانيًا (للإله "أبوللو")(*) قائمًا بلا رأس في وسط غرفة، ورأس التمثال ملقاه على الأرضية، ويربط تشكيليًّا بين الرأس والجسد لون من "أكسيد أصفر الكادميوم" ملقى على الرأس ممتدًا للجسد، في علاقة بصرية تصل الرأس بجسدها عبر خط وهمي بلون أصفر، يدل على ذكاء الفنان في اختياره للتعبير عن الدم بدلًا من اللون الأحمر؛ لأنه تمثال جبسي، أو ربما به إشارة رمزية، والتكوين على بساطته يحمل طاقة ميتافيزيقية وغموض، وقد نجح "كلاوديو" في إنتاجه كتكوين يشبه العمل التصويري.
وفي تكوين آخر (شكل 37) يشبه مباني "دي كيريكو" العملاقة وظلالها الملقاة، وضع "كلاوديو" عددًا من "الأجراس" القديمة كبيرة الحجم، في تنظيم مرتب، واضعًا مصدرًا جانبيًّا للإضاءة، فتلقي "الأجراس" بظلالها على الحائط، وفي عمل آخر بعنوان "منارة أيسلندا" (شكل 38) "صورة فوتوغرافية" لمنارة "أيسلندا" يقف بجوارها رجل، مُلتقطة بزاوية سفلية توضح ضخامة المنارة وضآلة حجم الإنسان، بإضاءة خلفية تُظهر المنارة والرجل "سيلويت"، ((فالموضوع الأساسي في مفهومه المعتاد هو القوة، ضوء يعارض بيئة خالية من الانفعالات. فالمنارة ، مثل بناء الإنسان، في حالة من الإسقاط العاطفي، تقف كمحارب ضد الفضاء المسكون ، فضاء فارغ في القفص، لا يوجد في الحقيقة قفص أضيق لفنان من بيئة فارغة عاطفيًّا.))([3])
و"الميتافيزيقا" في هذه الأعمال قائمة على "الميتافيزيقا التي أسسها "دي كيريكو" بأعماله، القائمة على المباني العملاقة و"سلويت" الإنسان صغير الحجم، وهو موقف ورؤية يؤيدها "كلاوديو" -أيضًا-.
ويعد "كلاوديو" من أهم الفنانين الإيطاليين المعاصرين، فقد ((استطاع "بارميجياني" تطوير لغة مبتكرة وشخصية، وفي الوقت نفسه عالمية بشكل عميق، كما أصبح على نحو متزايد أحد الشخصيات الرئيسة للفن الإيطالي في فترة ما بعد الحرب الثانية. لا يمكن تصنيفها، فأعماله تنم عن كلٍّ من "فن الفقراء" و"الفن المفاهيمي"، وله وضع فريد من نوعه في المشهد المعاصر)).([4])
___________________
(*) بوزار: BOZAR EXPO ، مؤسسة فنية تهتم بالفن التشكيلي بأوروبا، مقرها بروكسل.
وحفاظًا على الحس الميتافيزيقي تتبع أعماله الحركة الفنية المعاصرة "آرتي بوفيرا- Arte Povera " أو "الفن الفقير"، وهى حركة فنية ظهرت في إيطاليا منذ مطلع الستينيات، موازية لحركة "البوب آرت" في أمريكا، وتعتمد على استخدام الخامات الأولية البدائية كوسائط تشكيلية تعبيرية، والمميز في أعمال "كلاوديو" ازدواجية استخدامه للتماثيل الجبسية كنحت كلاسيكي مع المخلفات كالقش والمعادن، والرماد والستائر المحروقة والأخشاب، في تكوينات "تشكيل في الفراغ" تجمع بين النحت والتصوير، فتماثيله الكلاسيكية تحمل لمسة لونية، ورسوماته بالفحم تحمل بصمة الطبيعة، حيث تستمد الأعمال طاقتها من الأبعاد المعيشية للنيران، والألعاب المتغيرة للضوء والظل، وما تتركه النيران من أثر بعد الاحتراق، قد يمثل أشكالًا عشوائية، وما تمثله من درجات لونية أثناء الاشتعال، فكل هذا بيئة خصبة للإلهام لدى "كلاوديو"، فيكون هناك لوحات مستمدة منها، فيضيف عنصر اللون لها دلالة على معنى كاعتراض على الحرب ودمار البشرية.
الرؤية الميتافيزيقة في أعمال الفنان "كلاوديو".
على الرغم من اتجاه "كلاوديو" للتشكيل في الفراغ و"الفن المفاهيمي"(*)، إلا أنه حقق الحس الميتافيزيقي في أعماله. وفي رسم يجسد الطبيعة الصامتة، وبتكوينات تشبه تكوينات "موراندي" -في المرحلة الثانية- بخامة الفحم، ((هناك إحساس كبير من الشاعرية والفضاء في أعمال السيد "بارماجياني"، اكتسبت من قضائه ساعات طويلة في إستوديو جورجيو موراندي))([2])، (شكلي33،34) رسم "كلاوديو" زجاجات بيضاء متراصة بجوار بعضها في تكوين أفقي، ينبع ضوء أبيض من داخلها، في حالة من الرسوخ والتجسد، فالعناصر بإضاءتها وانعكاساتها البيضاء كأنها في حالة استحضار روحانيات تكوينها في البدء.
وظهرت "التماثيل اليونانية" في أعمال "كلاوديو"، وفي استخدامه للتماثيل الجبسية الكلاسيكية في تكوينات توحي بصراع صريح مع الدنيوية، عودة إلى الكلاسيكية الرومانية التي قامت عليها ميتافيزيقا "دي كريكو"، مع اختلاف التناول ما بين "تصوير" و"تشكيل في الفراغ".
فيعبر (شكل 35) عن رسم بخامة الفحم لجسد تمثال يوناني، وفي (شكل 36) استخدم "كلاوديو" تمثالًا يونانيًا (للإله "أبوللو")(*) قائمًا بلا رأس في وسط غرفة، ورأس التمثال ملقاه على الأرضية، ويربط تشكيليًّا بين الرأس والجسد لون من "أكسيد أصفر الكادميوم" ملقى على الرأس ممتدًا للجسد، في علاقة بصرية تصل الرأس بجسدها عبر خط وهمي بلون أصفر، يدل على ذكاء الفنان في اختياره للتعبير عن الدم بدلًا من اللون الأحمر؛ لأنه تمثال جبسي، أو ربما به إشارة رمزية، والتكوين على بساطته يحمل طاقة ميتافيزيقية وغموض، وقد نجح "كلاوديو" في إنتاجه كتكوين يشبه العمل التصويري.
وفي تكوين آخر (شكل 37) يشبه مباني "دي كيريكو" العملاقة وظلالها الملقاة، وضع "كلاوديو" عددًا من "الأجراس" القديمة كبيرة الحجم، في تنظيم مرتب، واضعًا مصدرًا جانبيًّا للإضاءة، فتلقي "الأجراس" بظلالها على الحائط، وفي عمل آخر بعنوان "منارة أيسلندا" (شكل 38) "صورة فوتوغرافية" لمنارة "أيسلندا" يقف بجوارها رجل، مُلتقطة بزاوية سفلية توضح ضخامة المنارة وضآلة حجم الإنسان، بإضاءة خلفية تُظهر المنارة والرجل "سيلويت"، ((فالموضوع الأساسي في مفهومه المعتاد هو القوة، ضوء يعارض بيئة خالية من الانفعالات. فالمنارة ، مثل بناء الإنسان، في حالة من الإسقاط العاطفي، تقف كمحارب ضد الفضاء المسكون ، فضاء فارغ في القفص، لا يوجد في الحقيقة قفص أضيق لفنان من بيئة فارغة عاطفيًّا.))([3])
و"الميتافيزيقا" في هذه الأعمال قائمة على "الميتافيزيقا التي أسسها "دي كيريكو" بأعماله، القائمة على المباني العملاقة و"سلويت" الإنسان صغير الحجم، وهو موقف ورؤية يؤيدها "كلاوديو" -أيضًا-.
ويعد "كلاوديو" من أهم الفنانين الإيطاليين المعاصرين، فقد ((استطاع "بارميجياني" تطوير لغة مبتكرة وشخصية، وفي الوقت نفسه عالمية بشكل عميق، كما أصبح على نحو متزايد أحد الشخصيات الرئيسة للفن الإيطالي في فترة ما بعد الحرب الثانية. لا يمكن تصنيفها، فأعماله تنم عن كلٍّ من "فن الفقراء" و"الفن المفاهيمي"، وله وضع فريد من نوعه في المشهد المعاصر)).([4])
___________________
(*) بوزار: BOZAR EXPO ، مؤسسة فنية تهتم بالفن التشكيلي بأوروبا، مقرها بروكسل.
([1])BOZAR EXPO, Giorgio Morandi. Retrospective, 7 June, 22 September 2013.
مضمون النص بالإنجليزية:
"The contemporary artist Claudio Parmiggiani, who, like Morandi, is from the region of Emilia-Romanga, will present an installation in the Horta Hall."
مضمون النص بالإنجليزية:
"The contemporary artist Claudio Parmiggiani, who, like Morandi, is from the region of Emilia-Romanga, will present an installation in the Horta Hall."
(*) الفن المفاهيمي: CONCEPTUAL ART، ظهرت النماذج الأولى لهذا الفن سنة (1965-1966م) وكانت أعمال فنية لا وظيفة أو رسالة لها سوى تحديد نفسها في مجال التصوير، أراد الفن المفاهيمي أن يلفت الانتباه نحو عالمنا اليوم وما يشهده من تفكك واسع النطاق في البنى الايديولوجية والمؤسسات التقليديه والفنون البصرية، وذلك على اعتبار أن المفاهيميه انتقاديه تنازعيه حيوية في تعاملها مع المؤسسات الجمالية في الانتاج الفني. ترسخ أن الفن يقوم أساسًا على ترجمة الفنان لفكرته باستخدام أي وسيط يراه مناسبا للتعبير، فالفن المفاهيمي يتحرر من القيود الاجتماعية والثقافية ولكن بمنطلقات فكرية خاصة تتبع الفنان.
https://artinarabic.com/%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%86-%D8%A7%D9…/
https://artinarabic.com/%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%86-%D8%A7%D9…/
([2])Martha scHwendener, Claudio Parmiggiani at Bortolami, Oct,30,2014 .
مضمون الفقرة بالإنجليزية..
"There is a great sense of poerty and space in Mr. Parmiggannis work, however, gained perhaps from spending long hoursin Giorgio Morandis studio in 1950s."
مضمون الفقرة بالإنجليزية..
"There is a great sense of poerty and space in Mr. Parmiggannis work, however, gained perhaps from spending long hoursin Giorgio Morandis studio in 1950s."
(*) الإله أبوللو: ابن الإله "زيوس" في الأساطير الإغريقية، وهو إله الشمس، إله الموسيقى، إله الرماية (وليس إله الحرب)، إله الشعر، إله الرسم، إله النبوءة، إله الوباء والشفاء، إله العناية بالحيوان، إله التألق، إله الحراثة. ويملك جمال ورجولة خالدة في المعتقدات الإغريقية.
([3]) http://mcarte.altervista.org/ancora-claudio-parmiggiani-bi…/
مضمون الفقرة بالفرنسية..
“Il tema di fondo è concettualmente il suo solito: una forza, in questo caso una luce che si oppone ad un ambiente privo di emozionalità. Il faro in quanto costruzione dell’uomo è comunque sua proiezione emotiva, un avamposto di frontiera in lotta contro lo spazio inabitato, vuoto-gabbia-trasparente, non c’è infatti gabbia più stretta per un artista che un ambiente emotivamente vuoto.”
مضمون الفقرة بالفرنسية..
“Il tema di fondo è concettualmente il suo solito: una forza, in questo caso una luce che si oppone ad un ambiente privo di emozionalità. Il faro in quanto costruzione dell’uomo è comunque sua proiezione emotiva, un avamposto di frontiera in lotta contro lo spazio inabitato, vuoto-gabbia-trasparente, non c’è infatti gabbia più stretta per un artista che un ambiente emotivamente vuoto.”
([4]) http://www.defoscherari.com/claudio-parmeggiani-galleria-a…/
مضمون النص بالإيطالية:
“ Parmiggiani ha saputo sviluppare un linguaggio, innovativo, personale e allo stesso tempo profondamente universale. Nella sua carriera, lungi dall'essere conclusa, si impone sempre più come una delle figure principali dell'arte italiana del secondo dopo Guerra. Inclassificabile, costeggia tanto l'arte povera quanto quella concettuale assumendo, però, una postura unica ed inimitabile nel panorama contemporaneo.”
مضمون النص بالإيطالية:
“ Parmiggiani ha saputo sviluppare un linguaggio, innovativo, personale e allo stesso tempo profondamente universale. Nella sua carriera, lungi dall'essere conclusa, si impone sempre più come una delle figure principali dell'arte italiana del secondo dopo Guerra. Inclassificabile, costeggia tanto l'arte povera quanto quella concettuale assumendo, però, una postura unica ed inimitabile nel panorama contemporaneo.”
_______________________________________________
مقتطع من رسالة الماجستير بعنوان: ”الميتافيزيقا في أعمال الطبيعة الصامتة عند جورجيو موراندي وتأثيرها على بعض مصوري أوروبا ومصر“_ للباحثة/ سهام محمد _ 2018م.
#سهام_محمد 







